عبرة

 الزوجة و الصفعة

 

 


وقف رجل بين مجموعة من الأشخاص، يعظهم وهو يحمل رسالة هامة في قلبه. كانت عيونه تنبعث منها نورٌ يعكس السلام والمحبة. كانت كلماته تتدفق كالنسيم العليل، يلامس قلوب الحاضرين بلطفها وحكمتها.

"يجب علينا أن نسامح بعضنا البعض"، قال الرجل بصوت واثق، وكأنه يحمل قدرًا من الحكمة الإلهية. "حتى نطلب من الله عز وجل الرحمة والمغفرة، فكيف نطلب السماح من الله ونحن لا نسامح غيره من البشر؟"

انصرف الرجل برفق مع زوجته بعد أن انتهت كلمته. وكانت الزوجة تراقبه بإعجاب وإلهام، فقد كانت هذه الكلمات البسيطة قوية المفعول عليها، فأحسست بالتغيير ينمو داخلها. وقررت أن تُخبره بشيء مهم وهو أمر كانت تتردد في الحديث عنه، لكنها أصبحت جريئة بفضل حديث زوجها القوي.

"أريد أن أخبرك بشيء"، قالت الزوجة بلطف، وكأنها تجلب أمرًا هامًا إلى السطح. "كنت بحاجة لبعض الأشياء التي نقصتني، فقررت بيع ساعتك الذهبية لأحصل عليها."

وفورًا، توقفت السيارة بقوة، وصاح الزوج مستاءً: "ماذا تقولين؟"

أجابت الزوجة بصدق: "أحتجت لبعض النقود وكنت تشغلك أعمالك فشعرت بالضيق والحاجة، لذا اضطررت لبيع ساعتك، صدقني لم أكن أعلم أنها ستزعجك بهذا الشكل."

لكن بدلاً من فهم كلمات زوجته وتأملها فيما قالت، صدمها الزوج بصفعة عنيفة. لم تكن الصفعة تؤلم جسدها فحسب، بل آلمت قلبها أيضًا، فلم تكن تتوقع ردة فعله العنيفة تجاه ما قالته.

"إنها سرقة!"، صاح الزوج متعجبًا، "كيف تفعلين ذلك بدون أن تستشيرينني؟"

لم تنهض الزوجة عند هذه الكلمات الجارحة، بل ابتسمت بلطف وهي تجيب: "كنت أرغب فقط في اختبارك، هل ستسامحني كما عظت الناس قبل قليل أم لا؟ اطمئن، فساعتك لا تزال في يدي وأنا آسفة إذا كنت قد أغضبتك."

تعتبر الزوجة من نفسها كيف أن زوجها لم يكن يراقب تصرفاته بنفس النظرة الرحيمة التي نصح بها الآخرين. فكما قال الرجل الحكيم: "لا تطلب من غيرك أمرًا انت تفتقده في نفسك."

في تلك اللحظة، تغيرت قلوبهما. تأمل الزوج فيما حدث وتذكر الكلمات التي قالها الرجل الذي وقف بينهم في التجمع. وقرر أن يسامح زوجته وأن يكون أكثر تفهمًا ورحمةً معها في المستقبل.

ومنذ ذلك الحين، أصبح الزوجان أكثر تقديرًا لبعضهما البعض وتعلما دروسًا قيمة حول الصفح والرحمة، وبدأا في بناء علاقة أكثر قوة وصلابة بينهما، على أساس الثقة والتسامح والحب. واستمرا في مشاركة تلك الحكمة مع الآخرين، على أمل أن يصلوا إلى قلوبهم أيضًا ويبنوا عالمًا أفضل بالسلام

 

Enregistrer un commentaire

0 Commentaires